كيفية التعامل مع الشخصية السيكوباتية

كيفية التعامل مع الشخصية السيكوباتية

الشخصية السيكوباتية تعد واحدة من أخطر الأنماط النفسية التي قد يصادفها الإنسان في حياته. وعلى الرغم من أنها تظهر في بعض الأحيان بشكل جذاب ومؤثر وقادر على كسب ثقة الآخرين بسرعة، إلا أنها في حقيقتها مبنية على الانانية والخداع وانعدام الضمير والافتقار للتعاطف الإنساني. التعامل مع هذه الشخصية ليس بالأمر السهل، بل يعد تحديا كبيرا سواء كان الشخص السيكوباتي شريكا في العمل أو أحد أفراد العائلة أو حتى شريكا في علاقة عاطفية. في هذا المقال سيتم تناول مفهوم الشخصية السيكوباتية بالتفصيل وشرح صفاتها وأسبابها وطرق اكتشافها وكيف يمكن التعامل معها بذكاء وحذر دون الوقوع ضحية لألاعيبها أو أذيتها النفسية والاجتماعية. سيكون المقال شاملا لأكثر من ألفي كلمة ويتناول الموضوع بشكل مبسط وسلس يتناسب مع القارئ العربي.

أولا تعريف الشخصية السيكوباتية

الشخصية السيكوباتية هي اضطراب في الشخصية يتميز بسلوك معاد للمجتمع وغياب الشعور بالذنب أو المسؤولية وانعدام الضمير، إلى جانب القدرة على التلاعب بالآخرين بمهارة عالية لتحقيق مصالح شخصية. الشخص السيكوباتي يمتلك قدرة كبيرة على الإقناع واستخدام الكاريزما الظاهرية لكنه في داخله بارد المشاعر ولا يهتم إلا بنجاح مصالحه حتى لو كان ذلك على حساب إيذاء الآخرين عاطفيا أو نفسيا أو اجتماعيا أو ماديا.

إقرأ أيضا:كيفية التعامل مع الأب النرجسي

علميا تصنف الشخصية السيكوباتية ضمن اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع. وغالبا ما تبدأ ملامحها في الظهور في سن المراهقة المبكرة أو ما قبل ذلك من خلال سلوكيات عنيفة أو عدوانية أو كاذبة أو مخادعة. ولا يشعر صاحب هذه الشخصية بأي تردد عند ارتكاب الخطأ، بل قد يراه نجاحا إن استطاع خداع الآخرين دون اكتشاف أمره.

ثانيا الفرق بين السيكوباتية والاعتلال النفسي

هناك خلط شائع بين مصطلح السيكوباتية ومصطلح الاعتلال النفسي أو ما يعرف بالإنجليزية باسم Psychopathy و Psychopath و Antisocial Personality Disorder. يتعامل علم النفس الحديث مع هذه المفاهيم بطريقة دقيقة.

الشخص المصاب باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع قد يكون سيكوباتيا وقد لا يكون كذلك. بمعنى أن السيكوباتية شكل متقدم من الاضطراب المعادي للمجتمع يتميز بانعدام الضمير والخداع الشديد. أما الاعتلال النفسي فهو مصطلح عام يشير إلى عدم القدرة على فهم مشاعر الآخرين بشكل طبيعي. السيكوباتي هو شخص يتمتع بمزيج: مستوى ذكاء عادي أو مرتفع، قدرة على التحكم في المشاعر أمام الناس، لكن لا يشعر فعليا بتلك المشاعر. لا يشعر بالذنب مثل الآخرين ولا يخاف من العواقب مثل الناس الطبيعيين.

ثالثا صفات الشخصية السيكوباتية

تختلف مستويات السيكوباتية بين الأفراد لكنها بشكل عام تتضمن الصفات التالية:

الافتقار إلى التعاطف
الشخص السيكوباتي لا يشعر بمشاعر الآخرين ولا يضع نفسه مكانهم ولا يراعي آلامهم أو همومهم. إن رأى شخصا يتألم أو يبكي أو يعاني فإنه لا يتأثر، لكنه قد يمثل التأثر فقط لكسب الثقة.

إقرأ أيضا:كيفية الاعتناء بنبات البامبو

التلاعب والخداع
يتقن الكذب والمراوغة ويختلق القصص وصنع المواقف للحصول على ما يريد. يتقن قراءة نقاط ضعف الناس ويستخدمها ضدهم.

جاذبية سطحية
عادة ما يكون شخصا لبقا يجيد الكلام والاقناع. قد يبدو لك في البداية لطيفا مرحا ودودا لكنه في الحقيقة يرتدي قناعا اجتماعيا لإخفاء نواياه.

البحث عن المتعة والسيطرة
يحب الشعور بالقوة والتفوق على غيره. يسعى للسيطرة على العلاقات سواء المهنية أو الاجتماعية أو العاطفية.

الاندفاع وعدم التفكير في العواقب
قد يقوم بأفعال خطيرة أو لا أخلاقية دون التفكير في نتائجها على الآخرين أو حتى على نفسه. المغامرة لديه أسلوب حياة.

الافتقار للشعور بالذنب أو الندم
حتى لو تسبب في أذى كبير للآخرين فإنه لا يشعر بالذنب أبدا بل قد يبرر خطأه بأساليب ملتوية.

الأنانية الشديدة
لا يفكر إلا في مصلحته. قد يتظاهر بالعطاء لكنه يفعل ذلك لتحقيق هدفه فقط.

ينتهي الكثير من علاقاتهم بصراعات
من يعيش معهم يصاب بالإرهاق النفسي لأنهم يمتصون طاقة من حولهم ويدمرون الاستقرار العاطفي للآخرين.

رابعا أنواع الشخصية السيكوباتية

يقسم علماء النفس الشخصية السيكوباتية لأنماط متعددة:

إقرأ أيضا:كيفية صنع ظرف

السيكوباتي الاجتماعي
يحب الظهور ويجيد التلاعب ويحاول السيطرة على المجموعات.

السيكوباتي الإجرامي
يميل للعنف والسلوك الإجرامي لأنه لا يخاف القانون ولا العواقب.

السيكوباتي الساحر
يبدو رومانسيا أو لبقا جدا ويستخدم الكلمات المعسولة لإخضاع الآخرين عاطفيا.

السيكوباتي العدواني السلبي
لا يظهر عصبيته أو مشاعره لكنه ينتقم بصمت ويؤذي بطرق ملتوية.

السيكوباتي الناعم
يبدو لطيفا وموثوقا لكنه يمارس الغدر في الخفاء.

خامسا أسباب تكون الشخصية السيكوباتية

الأسباب متعددة وتشمل:

العوامل الوراثية
تشير الأبحاث إلى أن جزءا من تكوين الشخصية السيكوباتية يعود لأسباب جينية تؤثر على مراكز الضمير في الدماغ.

اضطرابات في وظائف الدماغ
بعض الأشخاص المصابين بالسيكوباتية لديهم خلل في الجهاز العصبي المسئول عن ضبط السلوك والمشاعر.

بيئة الطفولة القاسية
التعرض لصدمات طفولة مثل الإهمال الأسري والعنف والحرمان العاطفي يسهم بشكل كبير في بناء الشخصية السيكوباتية.

غياب القدوة أو التربية الأخلاقية
إن لم يتعلم الطفل قيم الاحترام والضمير يصبح أكثر عرضة لاكتساب السلوك السيكوباتي.

سادسا كيف تكتشف أنك تتعامل مع شخصية سيكوباتية

ليس من السهل اكتشاف السيكوباتيين لأنهم بارعون في التخفي. لكن توجد علامات واضحة يمكن الانتباه لها:

يبدأ العلاقة بمرحلة مثالية مليئة بالوعود والكلام الجميل ثم يتغير فجأة.
يتجنب تحمل المسؤوليات ويلقي اللوم دائما على الآخرين.
يروي قصصا عن نفسه مبالغا فيها لإثارة الإعجاب.
لو تعرضت للأذى بسببه سيجعلك تشعر أنك أنت المذنب وليس هو.
يستخدم عاطفتك أو ثقتك كسلاح ضدك.
يرفض الاعتذار ولو أخطأ بشكل واضح.
علاقاته السابقة مليئة بالمشكلات ولا يحتفظ بأصدقاء حقيقيين.
كثير التناقض ويفتقر للمصداقية.

سابعا أضرار التعامل مع الشخصية السيكوباتية

الدخول في علاقة مع شخصية سيكوباتية سواء كانت علاقة صداقة أو زواج أو زمالة عمل يسبب أضرارا نفسية واجتماعية خطيرة، منها:

تدمير الثقة بالنفس لأن السيكوباتي يقلل من شأن ضحيته ويستهين بمشاعرها.
التلاعب النفسي الذي يجعل الضحية تشعر بالشك في نفسها طوال الوقت.
العزلة الاجتماعية نتيجة الإشاعات أو التحكم في العلاقات.
التعرض للاستغلال المادي أو العاطفي.
الإصابة بالاكتئاب والقلق المزمن بسبب العيش في صراع دائم.
فقدان القدرة على اتخاذ القرار بسبب شك الضحية بنفسها.

ثامنا كيفية التعامل مع الشخصية السيكوباتية

التعامل مع الشخصية السيكوباتية يحتاج إلى ذكاء عاطفي قوي وتوازن نفسي. هؤلاء الأشخاص لا يمكن تغييرهم لأن مشكلتهم ليست سلوكية فقط بل هي اضطراب في الشخصية. لذلك الهدف ليس إصلاحهم بل حماية نفسك من أذاهم.

ابتعد عن الصدام المباشر
السيكوباتي لا يفهم لغة المواجهة بل يستمتع بالصراع لأنه فرصة للسيطرة. تجنب الدخول في جدالات معه.

ضع حدودا واضحة
حدد ما تقبله وما ترفضه ولا تسمح له بتجاوز هذه الحدود.

لا تظهر ضعفك أمامه
إن كشفت نقاط ضعفك سيستغلها ضدك. تعامل معه بشكل رسمي وبحذر.

لا تثق بكلامه دون دليل
تحقق من الأفعال لا الوعود. السيكوباتي يعتمد على الكلام المنمق والخداع.

قلل التواصل معه قدر الإمكان
هذا يقلل من فرص سيطرته عليك نفسيا أو اجتماعيا.

ابتعد تدريجيا
إن كانت علاقة عاطفية أو صداقة فمن الأفضل الانسحاب بهدوء دون ضوضاء.

احم نفسك قانونيا إن لزم الأمر
إن كان يشكل خطرا عليك أو يهددك قم بالاحتفاظ بالأدلة والحماية القانونية.

تاسعا التعامل مع الشخصية السيكوباتية في العمل

إن كان مديرك أو زميلك في العمل سيكوباتيا فقد تعاني من تحقير مستمر أو استغلال مهني أو نشر إشاعات لتحطيم صورتك. للتعامل معه:

سجل كل ما يحدث كتابة لتكون لديك حماية قانونية إن احتجت.
التزم بالتواصل الرسمي عبر البريد الإلكتروني.
لا تدخل في حروب كلامية معه.
حافظ على صورتك المهنية وركز على عملك.
إذا زاد الأذى تواصل مع الموارد البشرية أو الإدارة العليا.

عاشرا التعامل مع الشخصية السيكوباتية في الزواج

الزواج من شخص سيكوباتي يعد تجربة مؤلمة جدا. فهو يبدأ بإغراق الطرف الآخر بالحب والاهتمام ثم يتحول إلى شخص قاس متحكم كاذب. إذا اكتشفت أنك متزوج أو مخطوب لشخص سيكوباتي:

لا تبرري تصرفاته ولا تعلقي أمل التغيير عليه.
لا تكشفي أسرارك له.
ضعي خطة للخروج الآمن إن كان أذى العلاقة كبيرا.
استعيني بدعم أسري أو مختص نفسي لأن الخروج من العلاقة يحتاج قوة.

أحد عشر أساليب التلاعب التي يستخدمها السيكوباتي

لتتمكن من حماية نفسك يجب أن تفهم أساليبه:

اللوم النفسي المستمر
يقنعك أنك السبب في كل مشكلة.

لعب دور الضحية
ليحصل على تعاطفك ويكسبك إلى صفه.

التلاعب العاطفي
يهددك بأنه سيتأذى أو يتركك أو يفضحك إن لم تنفذ ما يريد.

الغازلايتينج
يجعلك تشك في ذاكرتك وعقلك حتى تفقد الثقة بنفسك.

اثنا عشر كيف تحمي نفسك نفسيا من الشخصية السيكوباتية

قوة السيكوباتي الحقيقية ليست في سلوكه بل في التأثير على نفسيتك. لذلك هذه أهم طرق الحماية:

اعرف قيمتك ولا تسمح له بتحقيرك.
كن هادئا ولا تنفعل أمام استفزازه.
لا تشاركه تفاصيل حياتك الخاصة.
توقع الخيانة ولا تفاجأ بها.
لا تتعاطف معه فهو يستغل العاطفة للتسلط.
اصنع دائرة دعم من أصدقاء أو مختص نفسي.

ثلاثة عشر هل يمكن علاج الشخصية السيكوباتية

حتى الآن لا يوجد علاج نهائي لهذه الشخصية لأن المشكلة ليست نفسية فقط بل هي خلل تكويني مرتبط بالضمير والمشاعر. بعض الحالات قد تتحسن بالعلاج السلوكي والتدريب على التحكم بالسلوكيات العدوانية لكن لا يمكن غرس الضمير أو التعاطف داخل شخص سيكوباتي. لذلك أفضل حل هو الحذر والابتعاد أو وضع حدود قوية.

أربعة عشر الفرق بين السيكوباتي والنرجسي

النرجسي يحب نفسه بشكل مفرط ويدور حول ذاته لكنه قد يشعر بالذنب أحيانا، بينما السيكوباتي لا يعرف الشعور بالذنب إطلاقا ويستمتع بإيذاء الآخرين. السيكوباتي أكثر خطورة لأنه يتعمد الاساءة.

خمسة عشر نصائح نهائية للتعامل مع الشخصية السيكوباتية

لا تدخل معه في صراع.
كن مستعدا نفسيا لكل أنواع التلاعب.
استمع للمنطق وليس للمشاعر في التعامل معه.
اعتمد على الوقائع لا الكلام.
لا تحاول تغييره.
إن شعرت بالخطر اقطع العلاقة فورا.

التعامل مع الشخصية السيكوباتية اختبار نفسي حقيقي يواجهه الكثير دون أن يدركوا طبيعة الشخص الذي يتعاملون معه إلا بعد فوات الأوان. فهم هذه الشخصية يساعد على حماية النفس وتجنب الوقوع ضحية للتلاعب النفسي والاستغلال. السيكوباتي لا يهمه سوى تحقيق مصلحته ولا يعرف معنى الوفاء أو الحب أو الإنسانية. الطريق الوحيد للتعامل معه هو الحذر والوعي ووضع حدود صارمة. لا تحاول إصلاحه بل حاول حماية نفسك فقط. وفي حال كان وجوده يسبب خطرا على حياتك أو نفسيتك فالانسحاب هو الخيار الصحيح.