فهرس المقال
- 1 كيفية غسل الميت وتكفينه ودفنه: أحكام شرعية وخطوات عملية بتفاصيل مبسطة
- 2 أولاً: مفهوم غسل الميت وحكمه الشرعي
- 3 ثانيًا: من الذي يُغسل الميت؟
- 4 ثالثًا: التحضير لغسل الميت
- 5 رابعًا: خطوات غسل الميت بالتفصيل
- 6 خامسًا: كيفية غسل المرأة الميتة
- 7 سادسًا: التكفين
- 8 سابعًا: الصلاة على الميت
- 9 ثامنًا: دفن الميت
- 10 تاسعًا: آداب يجب مراعاتها أثناء الغسل والدفن
- 11 عاشرًا: أحكام خاصة ببعض الحالات
- 12 الأسئلة الشائعة حول غسل الميت وتكفينه ودفنه
كيفية غسل الميت وتكفينه ودفنه: أحكام شرعية وخطوات عملية بتفاصيل مبسطة
تُعدّ لحظة وفاة الإنسان من أعظم المواقف التي يمر بها الأهل والأصدقاء، فهي تذكير بحقيقة الحياة ونهايتها الحتمية. وقد شرع الإسلام للميت حقًّا بعد موته كما له حقٌّ في حياته، ومن هذه الحقوق الغُسل والتكفين والصلاة عليه ودفنه بطريقة تليق بكرامته الإنسانية. إن معرفة كيفية غسل الميت وتكفينه ودفنه من العلوم التي ينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يلمّ بها، فهي من فروض الكفايات التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركها الجميع أثموا جميعًا.
في هذا المقال، سنوضح الخطوات الشرعية بالتفصيل لغسل الميت وتكفينه ودفنه، مع بيان الأحكام والآداب التي وردت عن النبي ﷺ، إضافةً إلى بعض المسائل التي تهم المسلمين في هذا الموضوع.

أولاً: مفهوم غسل الميت وحكمه الشرعي
غسل الميت هو تنظيف جسده بالماء بطريقة شرعية لإزالة الأذى والنجاسة، ويُعدّ واجبًا على المسلمين، فهو فرض كفاية، بمعنى أنه إذا قام به عدد كافٍ من المسلمين سقط الإثم عن الآخرين.
قال رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح:
«اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» (رواه البخاري).
وهذا الحديث يدلّ على وجوب غسل الميت وتكفينه، كما أنه توجيهٌ للعناية بجسد الميت واحترامه حتى بعد وفاته.
ثانيًا: من الذي يُغسل الميت؟
يشترط في من يقوم بالغُسل أن يكون مسلمًا، عاقلًا، أمينًا، يعرف أحكام الغسل الشرعية. كما يجب أن يكون من جنس الميت نفسه، أي:
الرجل يغسل الرجل.
والمرأة تغسل المرأة.
ويُستثنى من ذلك الزوجان، فيجوز للزوج أن يغسل زوجته والعكس، لأن النبي ﷺ أذن لعائشة رضي الله عنها أن تغسله بعد وفاته، فقال لها: «لو متِّ قبلي لغسلتك وكفنتك» (رواه ابن ماجه).
أما الطفل الصغير الذي لم يبلغ السابعة، فيجوز أن يغسله الرجال أو النساء، لعدم وجود عورة يُخشى الاطلاع عليها.
ثالثًا: التحضير لغسل الميت
قبل البدء بالغسل، يجب تجهيز المكان بشكل مناسب:
أن يكون مكان الغسل نظيفًا ومغلقًا يصون خصوصية الميت.
توفير الماء النقي، والسدر (ورق النبق المطحون)، والكافور (أو الطيب)، وقفازات وقطع قماش نظيفة.
يُستحب أن يكون المغسل صائمًا عن الأكل والشرب وقت الغسل، خاشع القلب، مستحضرًا نية العبادة.
يُوضع الميت على سرير أو لوح مائل بحيث يسهل سكب الماء، مع تغطية عورته.
رابعًا: خطوات غسل الميت بالتفصيل
تُقسم عملية الغسل إلى مراحل محددة، وكل خطوة لها دلالة شرعية:
النية
ينوي المغسل في قلبه أنه يغسل هذا الميت قربةً لله تعالى دون أن يتلفظ بالنية.
ستر العورة
تُغطّى عورة الميت (ما بين السرة والركبة للرجل، وجميع الجسد عدا الوجه والكفين للمرأة).
إزالة الأذى
يُرفع جسد الميت قليلاً من الجزء العلوي ليُساعد على خروج أي فضلات إن وُجدت، ثم يُغسل فرجه من الخارج فقط، باستخدام قفازات أو خرقة مع الحفاظ على الحياء الكامل.
الوضوء للميت
يُوضَّأ الميت وضوء الصلاة، فيُغسل وجهه، ثم يديه إلى المرفقين، ثم يُمسح رأسه، ثم يُغسل رجلاه، دون إدخال الماء إلى الأنف أو الفم مباشرة، بل بقطنة مبللة يُنظف بها الفم والأنف برفق.
غسل الجسد كاملاً
يُغسل جسد الميت ثلاث مرات على الأقل، أو أكثر إذا دعت الحاجة، وتُستخدم المرات التالية حسب نظافته.
المرة الأولى: بماء وسدر (للتنظيف).
المرة الثانية: بماء فقط.
المرة الثالثة: بماء وكافور (للرائحة الطيبة والتطهير).
يبدأ الغسل بالجانب الأيمن من الجسد، من الرأس إلى القدم، ثم الجانب الأيسر بنفس الطريقة.
تجفيف الجسد
بعد الانتهاء من الغسل، يُجفف الجسد بلطف باستخدام منشفة نظيفة، مع المحافظة على ستر العورة.
تطييب الجسد
يُوضع الطيب أو الكافور على مواضع السجود (الجبهة، اليدان، الركبتان، القدمان) وعلى سائر الجسد إن أمكن، إكرامًا للميت.
خامسًا: كيفية غسل المرأة الميتة
لا تختلف خطوات الغسل كثيرًا، لكن هناك بعض الأمور الإضافية الخاصة بالمرأة:
تُضفر ضفائر شعرها ثلاث ضفائر وتُلقى خلف ظهرها بعد الغسل.
يُراعى عدم كشف جسدها إلا عند الحاجة، ويُستخدم غطاء سميك.
سادسًا: التكفين
بعد الانتهاء من الغسل، يُشرع تكفين الميت، وهو ستر الجسد بقطع قماش نظيفة بيضاء طاهرة.
تكفين الرجل
يُكفن الرجل في ثلاث لفائف بيضاء غير مخيطة:
تُبسط اللفائف بعضها فوق بعض.
يُوضع الميت عليها بعد تطييبه بالمسك والكافور.
تُلف اللفائف عليه من الجانبين، ثم تُربط عند الرأس والقدمين بخيوط خفيفة تُفكّ قبل الدفن.
تكفين المرأة
تُكفن المرأة في خمس قطع:
إزار (من السرة إلى القدمين).
قميص (من الكتفين إلى نصف الساق).
خمار (يغطي الرأس).
لفافتان تُلف بهما من الرأس إلى القدم.
كما يُستحب تطييبها بالمسك في مواضع السجود.
سابعًا: الصلاة على الميت
بعد الغسل والتكفين، يُحمل الميت إلى المسجد أو مكان الصلاة ويُصلى عليه صلاة الجنازة، وهي فرض كفاية كذلك.
طريقة صلاة الجنازة:
تكبيرة أولى: تُقرأ فيها الفاتحة.
تكبيرة ثانية: يُصلى فيها على النبي ﷺ.
تكبيرة ثالثة: يُدعى للميت بالمغفرة والرحمة.
تكبيرة رابعة: يُدعى فيها لجميع المسلمين ثم التسليم.
قال النبي ﷺ: «صلّوا على من قال لا إله إلا الله» (رواه ابن حبان).
ثامنًا: دفن الميت
الدفن هو المرحلة الأخيرة من مراحل تجهيز الميت، وهو واجب شرعي لحفظ كرامة الإنسان وصون جسده.
حفر القبر
يُفضل أن يكون القبر بعمق يمنع خروج الرائحة أو نبش الحيوانات، ويُحفر على شكل “لحد” باتجاه القبلة إن أمكن، أي بجدار صغير يوضع فيه الميت.
إنزال الميت في القبر
يُدخل الميت من جهة قدمي القبر بلطف، ويُقال عند إنزاله:
«بسم الله وعلى ملة رسول الله».
ويُوضع على جنبه الأيمن باتجاه القبلة، ويُكشف وجهه إن أمكن.
سدّ اللحد وملء القبر
بعد وضع الميت، يُغلق اللحد بالحجارة أو اللبن ثم يُهال التراب فوق القبر، ويُقال أثناء ذلك:
«منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى».
رفع القبر وتشكيله
يُرفع القبر قليلاً بمقدار شبر ليُعرف مكانه، ويُسنّ رش الماء عليه وتثبيته دون بناء أو تزيين مفرط.
الدعاء بعد الدفن
بعد الانتهاء، يُستحب للمسلمين الوقوف على القبر والدعاء للميت قائلين:
«اللهم اغفر له، اللهم ثبّته عند السؤال».
تاسعًا: آداب يجب مراعاتها أثناء الغسل والدفن
عدم كشف جسد الميت إلا بقدر الضرورة.
عدم التحدث بما يُرى أثناء الغسل من أمور خاصة بالميت.
الإخلاص في العمل واحتساب الأجر من الله.
الإسراع في تجهيز الميت ودفنه دون تأخير إلا لعذر شرعي.
عدم الجلوس على القبر أو المشي عليه بعد الدفن.
عاشرًا: أحكام خاصة ببعض الحالات
الشهيد
الشهيد في سبيل الله لا يُغسل ولا يُكفن إلا بثيابه التي استُشهد فيها، لأن دمه يكون شاهداً له يوم القيامة.
الميت المحترق أو المتحلل
يُغسل بقدر ما يمكن، وإن تعذر يُيمم.
من لا يُمكن غسله
إذا تعذر الغسل بسبب تعفن أو تمزق الجسد، يُيمم الميت باستخدام التراب الطاهر.
أهمية إكرام الميت في الإسلام
أولى الإسلام عناية عظيمة بالميت، فقال النبي ﷺ: «كسر عظم الميت ككسره حيًّا» (رواه أبو داود).
فالميت له حرمة وكرامة لا تزول بموته، والقيام بغسله وتكفينه ودفنه من صور الإحسان إليه.
غسل الميت وتكفينه ودفنه من الشعائر العظيمة التي تُظهر تكافل المسلمين واحترامهم لكرامة الإنسان حتى بعد موته. فهي لحظة وداع أخيرة تحمل في طياتها الرحمة والوفاء والدعاء. وكل من يقوم بهذا العمل إنما ينال أجرًا عظيمًا عند الله، لأنه يقوم بفريضة ويُخفف عن أهل الميت مشقة كبيرة.
إن فهم هذه الأحكام والعمل بها يُعيد للمسلم إدراكه لحقيقة الدنيا وزوالها، ويُذكّره بضرورة الاستعداد للقاء الله تعالى بالأعمال الصالحة.
الأسئلة الشائعة حول غسل الميت وتكفينه ودفنه
هل يجب على كل مسلم تعلم كيفية غسل الميت؟
نعم، لأنه من فروض الكفاية التي يجب أن يعرفها بعض المسلمين على الأقل.
هل يجوز للمرأة أن تغسل زوجها؟
يجوز، كما يجوز للرجل أن يغسل زوجته، بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية.
كم مرة يُغسل الميت؟
ثلاث مرات على الأقل، وإن احتاج لأكثر فيجوز إلى خمس أو سبع مرات.
هل يجب إزالة شعر الميت أو أظافره؟
لا، يُترك كما هو، ولا يجوز حلق شعره أو قص أظافره بعد الوفاة.
ما حكم من لم يُغسل أو يُكفن لظروف قاهرة؟
إذا تعذر الغسل لسبب قهري، يُيمم الميت ويُدفن على حاله، والله أعلم.
وبهذا نكون قد عرضنا كل ما يتعلق بكيفية غسل الميت وتكفينه ودفنه خطوة بخطوة وفقاً للسنة النبوية، لتكون هذه المعرفة مرجعاً عملياً لكل من أراد أن يشارك في هذه الفريضة العظيمة بإخلاص واحترام لحرمة الميت.
